منتديات البدارين

منتديات البدارين (http://www.albdarain.com/index.php)
-   المنتدي الاسلامي (http://www.albdarain.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   لاتحزن (للشيخ عائض القرني) (http://www.albdarain.com/showthread.php?t=4605)

ابووائل 28-06-2008 10:40 PM


قضاء وقدر

{ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبراها } ، جف القلم ، رفعت الصحف ، قضي الأمر ، كتبت المقادير ، { لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } ، ما أصابك لم يكن ليخطأك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية ، والمحنة منحة ، وكل الوقائع جوائز وأوسمة ("ومن يرد الله به خيرا يصب منه )" فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن ، أو خسارة مالية ، أو احتراق بيت ، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل ، والاختيار هكذا ، والخيرة لله، والأجر حصل ، والذنب كفر.
هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الأخذ ، المعطي ، القابض ، الباسط ، { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك ، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر ، جف القلم بما أنت لاه فلا تذهب نفسك
حسرات ، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار ، وحبس الماء أن ينسكب ، ومنع الريح أن تهب ، وحفظ الزجاج أن ينكسر ، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك ، وسوف يقع المقدور ، وينفذ القضاء ، ويحل المتكوب { فعسى الله أن ياتى بالفتح أو أمر من عنده }
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل ، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم ، إذا فليهدا بالك إذا فعلت الأسباب ، وبذلت الحيل ، ثم وقع ما كنت تحذر ، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ، ولا تقل ("لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ").
{ أن مع العسر يسرا }
يا إنسان بعد الجوع شبع ، وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافية ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ، ويفك العاني ، وينقشع الظلام { فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده } بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ، ومسارب الأودية ، بشر المهموم بفرج مفاجىء يصل في سرعة الضوء ، ولمح البصر ، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال.
إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع.
مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمن ، ومع الفزع سكينة ، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد ، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة { بردا وسلما } البحر لا يغرق كليم الرحمن ، لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ { كلا إن معي ربي سيهدين } المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده معنا فنزل الأمن والفتح والسكينة.
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.
إذا فلا تضق ذرعا فمن المحال دوام الحال ، وأفضل العبادة انتظار الفرج ، الأيام دول ، والدهر قلب ، والليالي حبالى ، والغيب مستور ، والحكيم كل يوم هو في شأن ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، وان مع العسر يسرا.

ابووائل 28-06-2008 10:41 PM


اصنع من الليمون شرابا حلوا



الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح ، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.‍‍‍ ‍
طرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام في المدينة ، دولة ملأت سمع التاريخ وبصره.
سجن أحمد بن حنبل وجلد ، فصار إمام السنة ، وحبس ابن تيمية فأخرج من حبسه علما جما ، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة فأخرج عشرين مجلدا في الفقه ، وأقعد ابن الأثير فصتف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث ، ونفي ابن الجوزي من بغداد ، فجود القراءات السبع ، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية ، ومات أبناء أبي ذوئيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر ، وذهل منها الجمهور ، وصفق لها التاريخ.
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها ، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر ، وإذا أهدى لك ثعبانا فخذ جلده الثمين واترك باقيه ، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات. تكيف في ظرفك القاسي ، لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم } سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلا ومتشائما فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن. فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك. وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى. انظر إلى الوجه الأخر للمأساة ، لأن الشر المحض ليس موجودا بل هناك خير ومكسب وفتح واجر .
{ من يجيب المضطر إذا دعاه } من الذي يفزع إليه المكروب ، ويستغيث به المنكوب وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات ، وتلهج بذكره الألسن وتألهه القلوب انه الله لا إله إلا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكربات وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه ويحل فتحه { امن يجيب المضطر إذا دعاه } فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } ولن اسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب، ولكن أحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء ، وان فقدت الإيمان به فقدت كل شيء ، إن دعاءك ربك عبادة أخرى ، وطاعة عظمى ثانيه فوق حصول المطلوب ، وإن عبدا يجيد فن الدعاء حري إن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق كل الحبال تنصرم إلا حبله كل الأبواب توصد الابابه وهو قريب سميع مجيب ، يجيب المضطر إذا دعاه يأمرك وأنت الفقير الضعيف المحتاج ، وهو الغني القوي الواحد الماجد- بأن تدعوه { ادعوني استجب لكم } إذا نزلت بك النوازل ، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره ، واهتف باسمه ، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره ، مرغ الجبين لتقديس اسمه ، لتحصل على تاج الحرية ، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة ، مد يديك ، ارفع كفيك ، أطلق لسانك ، أكثر من طلبه ، بالغ في سؤاله ، ألح عليه ، ألزم بابه ، انتظر لطفه ، ترقب فتحه ، أش باسمه ، أحسن ظنك فيه ، انقطع إليه ، تبتل إليه تبتيلا حتى تسعد وتفلح.

ابووائل 28-06-2008 10:43 PM


وليسعك بيتك

العزلة الشرعية السنية : بعدك عن الشر وأهله ، والفارغين واللأهين والفوضويين ، فيجتمع عليك شملك ، ويهدأ بالك ، ويرتاح خاطرك ، ويجود ذهنك بدرر الحكم ، ويسرح طرفك في بستان ا لمعارف.
إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز جربه أصباء القلوب فنجح أيما نجاح ، وأنا أدلك عليه ، في العزلة عن الشر واللغو وعن الدهماء تلقيح للفكر ، وإقامة لناموس الخشية ، واحتفال بمولد الإنابة والتذكر ، وإنما كان الاجتماع المحمود والاختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير ، أما مجالس البطالة والعطالة فحذار حذار ، اهرب بجلدك ، ابك على خطيئتك ، وأمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس ، وتهديد خطير لدنيا الأمن والاستقرار في نفسك ، لأنك تجالس أساطين الشائعات ، وأبطال الأراجيف ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن ، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا } إذا فرجائي الوحيد إقبالك على شانك والانزواء في غرفتك إلا من قول خير أو فعل خير ، حينها تجد قلبك عاد إليك ، فسلم وقتك من الضياع ، وعمرك من الإهدار ، ولسانك من الغيبة ، وقلبك من القلق ، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن ، ومن جرب عرف ، ومن أركب نفسه مطايا الأوهام ، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام

ابووائل 28-06-2008 10:44 PM


العوض من الله

لا يسلبك الله شيئا إلا عوضك خيرا منه ، إذا صبرت واحتسبت ("من أخذت حبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة") يعني عينيه (من سلبت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب عوضته من الجنة) من فقد ابنه وصبر بنى له بيت الحمد في الخلد ، وقس على هذا المنوال فإن هذا مجرد مثال.
فلا تأسف على مصيبة فان الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم.
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلفها الخير { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } هنيئا للمصابين ، بشرى للمنكوبين.
إن عمر الدنيا قصير وكنزها حقير ، والآخرة خير وأبقى فمن أصيب هنا كوفي هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، أما المتعلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها ، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيء وأنتم الرابحون ، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار. أن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وضاهره من قبله العذاب } ، وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرا وأجل وأعلى.
الأيمان هو الحياة

ابووائل 28-06-2008 10:45 PM

الفصل الثالث

وقفه

لا تحزن : لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا ، رسب ابنك فحزنت ، فهل نجح؟! مات والدك فحزنت فهل عاد حيا؟! خسرت تجارتك فحزنت ، فهل عادت الخسائر أرباحا؟! ، لا تحزن : لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب ، وحزنت من الفقر فازددت نكدا ، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك ، وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لا تحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة ، ولا زوجة حسناء ، ولا مال وفير ، ولا منصب سام ، ولا أولاد نجباء.
لا تحزن : لأن الحزن يريك الماء الزلال علقمة ، والوردة حنظلة ، والحديقة صحراء قاحلة ، والحياة سجنا لا يطاق.
لا تحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان ، وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: { فبأي ءالآء ربكما تكذبان } .
لا تحزن : ولك دين تعتقده ، وبيت تسكنه ، وخبز تأكله ، وماء تشربه ، وثوب تلبسه ، وزوجة تأوي إليها ، فلماذا تحزن؟!


الساعة الآن 01:17 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.7.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

::ترقية وتطوير شركة النداوي::

  

Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%86 Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to NewsBurst Add to Windows Live Rojo RSS reader iPing-it
Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki Add to Spoken to You
Feedage Grade D rated Add to Alesti RSS Reader
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
Site Map
خريطة الموقع

Security byi.s.s.w

 

mamnoa 4.0 by DAHOM