الفنون الشعبية مقرونة بتاريخ الشعوب من خلالها ربط ماضي أجيالها بحاضرها
و مستقبلها و تحظى هذه الفنون باهتمام كبير و لها عشاقها و متذوقوها
و لها أيضا جماهيرها الغفيرة التي تحترم و تقدر التراث و الفنون الشعبية العريقة الأصيلة , و من هذه الفنون , فن عريق و أصيل بل ومن أشهر الفنون في منطقة الخليج العربي ألا وهو فن ( القلطة أو المحاورة أو الردية) أياً كان اسمها فهي تحظى بشعبية كبيرة لما تمتاز به من أصالة و لون جميل ، لقد مرت القلطة اربع مراحل من حيث الأداء و الأساليب وهذه المراحل هي :
المرحلة الأولى:
استخدم فيها أسلوب التفاخر و المنافرة بين الشعراء
فكل شاعر يتكلم باسم قبيلته من خلال إظهار مفاخرها محاولاً التقلل من أهمية
و قيمة الخصوم له في اللعب .. وهذا أسلوب لا يجوز وانـتهى.
وكان من ابرز شعراء هذه المرحله ( معيض العجي – شلويح بن شلاح ـ مبروك ابو ناب _الجبرتي - ابن تويم ) وغيرهم من كثيرون من الذين عاشو تلك المرحله
وكان فيه ميزه بشعراء تلك المرحله انهم لايكذبون ولايتبلون على القبائل وكانو يعترفون بالحق
ومثال ذلك :
يوم يقول الجبرتي
الخط مر سليم ياحرب اقربو وبنو خيام = الا بيوت الطين ولاسمنت لاتبني بها
( وكان ذلك ايام ماكنو يصلحون خط المدينه - مكه السريع )
ورد مبروك ابوناب
الخط ماهو خطكم ذا خط مرحوم العظام = والله لنمشيبه على خبث النفوس وطيبها
المرحله الثانيه :
هي المرحلة التي احتوت على الكثير من أساليب القلطة الحقيقية وجديتها للطابع المعنوي ، استخدم فيها معالجة المواضيع القومية والوطنية والاجتماعية والعلمية والدينية والنصح والنقد البناء ،
وكان شعراء هذه المرحله يستخدمون اسلوب تغطية المعنى
وبرز رواد هذه المرحله ( المسعودي _صياف السحيمي - مطلق الثبيتي - مستور العصيمي - رشيد الزلامي ) وجميع الشعراء الي عاشو تلك المرحله
ومثال ذلك
يقول الثبيتي
الحريبي ينفض الغتره ويطوي في معمه = ضاق باله من شلويح المطيري والزلامي
ورد صياف
الحريبي يوم جاكم حطكم في وسط كمه = ثم خلاكم عجينه كن مافيكم عضامي
المرحلة الثالثه :
أدخل عليها المجالسي الذي يسمونه بــ ((الموال)) وهو ليس من طابع القلطة ولا يخدم القلطة بل هو أداة هدم, حيث طابعه سلبي وللتسلية فقط الا ان تلك المرحله شهدت ظهور شعراء متمكنون
بالاضافه الى من سبقهم من الشعراء وبذلك قدرو انهم يجمعون بين تسلية الجمهور بالموال وقوة المعنى بالبيت
دون ان يوثر ذلك على طابع المحاوره
وابرز شعراء تلك المرحله ( حبيب العازمي – فيصل الرياحي – محمد السناني – راشدالسحيمي_ ثنيان الرشيدي )
ومثال ذلك
موال لراشد السحيمي
اخوك نذبح له جمل وانت ناقه = وخلاص مابيني وبينك علاقه
والله لتاكلها على غير فاقه = والي تبيه العين تتعب وتلقاه
ورد ثنيان الرشيدي
اخوي مادرهم على غير حاجه = يوم ان بعض الناس هرجه سماجه
حقه سنام بعير وانته دجاجه = والي تبيه العين تتعب وتلقاه
المرحلة الرابعه :
ركزو شعراء هذه المرحله على الموال الذي اخذوه من الذين قبلهم ولانهم غيرمتمكنون لايستيعون التوفيق بين الموال وقوة البيت اصبحوا ينجرفون ورى صيحات الجمهور وتحولت المحاوره بشكل عام من طابع القلطة الحقيقي إلى القلطة التي تشبه المصارعة أو ألافلام الهنديه ..
وتمتاز هذه المرحله بجمهور جديد لا يعرف معنى القلطة الصحيح والنقد معدوم والشعراء ماديون
مع احترامي لنسبة قليلة منهم
المثل يقول : ( إذا زاد الماء على الطحين ما يصير عجين)
فالمحاورة فن شعري جميل يطرق جميع نواحي الحياة,و يعالج الأوضاع السائدة في محاولة منه للارتقاء بالحياة الفكرية و العملية للشعوب , من خلال تلميحات وتوجيهات خفيفة الوقع على النفس يتقبلها السامع بطرب
و يستخلص منها العبر و المواعظ و الدروس فمن ذا الذي يأتي لنا بذلك ؟!
إنه بعيد النظر ,دقيق المشاعر , الشاعر بحسه المرهف و ثقافته المتميزة و وعيه الثاقب للأحداث يتصيد من هنا و هناك ليقدم لنا خلاصة تجاربه فنسعى إليها سعي الظمآن في البيداء عن نبع الماء ، وقد عرف الشعر منذ القدم (فن المحاورة) و برز من الشعراء أعلام لا تزال أسماؤهم خالدة إلى يومنا هذا , وستخلد مادام في الأرض ناطق بالضاد , فماذا يراد منا نحن شعراء هذا العصر ؟ !
نبذل المجهود واللي يريد الله يريد ** والنفوس مسيرة بأمر ربٍ فوقها
نعم المراد خدمة التراث الموروث بما يليق بمقامه…وخدمة المستمع أيضا بما يفيده, ذلك بتطرق الشعراء إلى المواضيع الجادة و البليغة, حيث إن الشاعر الأديب كالمعلم الناجح كل يوم يحضر ومعه محاضرة أو نص عن أي موضوع مفيد , ليبلغ به تلاميذه, هذا هو دور الشاعر المطلوب منه مواكبة العصر الذي يعيش به و يطرق كل ما يفيد المجتمع , ليكون مرشدًا لشمائل التقوى وشمائل المروءة والأمانة
او كما قال الشاعر :-
اللي معه سيف شاطر لا يسله ضد الاصحاب = يخزنه حتى يشوف أم القشر زايد قشرها
ترى المرض لاصار وسط البطن حارت فيه الاطباب = والسيف ما هو عصاةٍ كل من جاها كسرها