عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2007, 03:24 AM   #3
معلومات العضو
الزعيم
مشرف المنتدى العام وعضولجنة تطوير المنتدى
إحصائية العضو







آخر مواضيعي
افتراضي

نساء سعوديات اجتزن بوابة العلم!!
____________

محمد عارف

في عقول نساء العلم السعوديات، وفي قلوبهن، أفكار، وأحلام، وعواطف، وقصائد، وأغانٍ تفوق أضعاف ما في رواية "بنات الرياض". هذا هو الانطباع، الذي عُدتُ به أخيراً من بعثة إلى السعودية لإعداد دراسة، بتكليف من إحدى منظمات الأمم المتحدة عن نساء العلم في البلدان العربية. وقد تكون رواية "بنات الرياض"، التي صدرت طبعتها الخامسة ظريفة، عابثة، أو ملعونة، لكنها ليست أكثر من "دردشة إنترنت" بالمقارنة مع ملحمة نساء العلوم والطب والهندسة في السعودية. وفيما تستمر الدردشة حول ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين، تتفوق أعداد طالبات التعليم العالي في السعودية على الطلاب. في العام الدراسي الماضي 2004-2005 اجتاز العدد الإجمالي لطلاب الجامعات والمعاهد العليا السعودية حاجز نصف المليون، وبلغ 571813 بينهم 334817 طالبة، مقابل 236996 طالباً. ويثير الدهشة عدد طالبات الرياضيات والإحصاء (4320 طالبة)، والذي يعادل نحو خمسة أضعاف الطلاب (867 طالباً)، وتبلغ النسبة ثلاثة أضعاف في الفيزياء، حيث عدد الطالبات 2880 مقابل 975 طالباً. وبلغ إجمالي الخريجات في العام الماضي 43823 طالبة مقابل 38798 من الطلاب الخريجين الذكور.

لكن الصورة تختلف عند حساب عدد أعضاء الهيئة التدريسية للعام 2004، حيث الإناث 5041 مقابل 9736 ذكوراً. ويضاعف هذا مرتين أعباء مُدرِّسات العلوم في الجامعات والمعاهد العليا. لكن ذلك لم يُقعدهن عن تحقيق نتائج مرموقة حتى في مجالات غير متوقعة، كالرياضيات مثلاً. فربع أعضاء "الجمعية السعودية لعلوم الرياضيات" نساء، يحملن الدكتوراه، وتُعتمد بعض بحوثهن، كمصادر في أعمال باحثين من بريطانيا والصين والمكسيك وصربيا ودول أخرى. ويمكن العثور على حلول مبتكرة لمعادلات رياضية مستعصية في بحوث فاطمة جمجوم، الأستاذة المشاركة في قسم الرياضيات في كلية العلوم، بجامعة الملك سعود بالرياض، وفدوى سلاّمة أبو مريفة، الأستاذة المشاركة في كلية التربية للبنات بالرياض، وكذلك بحوث زميلاتهما سعاد الحميدان، ونائلة الديحان، وعبير الحربي، وفردوس محمد عمر توفيق، ونائلة العبودي، وابتسام باجنيد. ويخترق عمل معظم نساء العلم السعوديات جدران المختبرات.

سعاد بنت محمد بن عامر، التي نالت الدكتوراه من جامعة لندن في موضوع "مقاومة الخلايا البشرية للعقاقير الطبية" ترأس وحدة أبحاث سرطان الثدي في "مستشفى الملك فيصل التخصصي" بالرياض، وتركز أبحاثها على الأسباب الجينية الموروثة لهذا المرض الذي يصيب 500 امرأة في السعودية كل عام، ويقضي في المتوسط على حياة امرأة في العالم كل 13 دقيقة. وتنظم العالمة السعودية إلى جانب ذلك حملة تطوعية وطنية للتوعية بهذا المرض، تُلقى خلالها عشرات المحاضرات وتوزع آلاف الكراريس التثقيفية عن أسباب المرض الجينية والبيئية، وطرق الفحص الذاتي المبكر للمرض، وفرص علاجه، وآثاره البدنية والنفسية، ودور الأسر في رعاية المصابات، والتخفيف من آلامهن.

وياسمين أحمد التويجري، رئيسة قسم الإحصاء البيولوجي في "مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي" نالت الدكتوراه في "جامعة هيوستن" بالولايات المتحدة، وتدرس بحوثها الحالية أمراضاً تؤثر على حياة ملايين الناس في الخليج. فهي تعالج ظاهرة الأوبئة التغذوية الجديدة في المنطقة، كالسمنة، وفقر التغذية والتدخين، وقلة الحركة البدنية، وما ينجم عن ذلك من أمراض ضغط الدم، والقلب، والسُكّري، والأمراض الخبيثة، التي تسبب خسارة مليارات الدولارات سنوياً.

وفي بحوث فردوس سعود الصالح، الأستاذة المشاركة في الفيزياء النووية في "جامعة البنات بالرياض" تلتقي علوم الفيزياء والبيئة والآثار. تتناول بحوثها استخدام أشعة غاما لتحديد تواريخ قطع آثارية في مناطق نجران وثاج وأخدود، وفحص الإشعاعات الراديوية الطبيعية في مواد البناء المحلية، وقياس معدلات وجود غاز الرادون المشع في البنايات.

وفي حين تستخدم مؤلفة رواية "بنات الرياض" شبكة الإنترنت للدردشة تنال فيها أروى يوسف الأعمى جائزة "منظمة الحاسوب" ACM، التي تدعمها "مايكروسوفت". فوجئ محكمو الجائزة، حين علموا بأن الفائز ليس رجلاً، كما تصوروا، بل طالبة سعودية للدكتوراه في موضوع أمن الحاسوب في "جامعة جورج واشنطن". ترأس العالمة السعودية الشابة حالياً قسم علوم الحاسبات في "جامعة الملك عبدالعزيز بجدّة"، وتطور مشاريع بحوث لطالبات الجامعة تنال دعم شركات القطاع الخاص الكبرى في المملكة.

وفي العلوم يُفترض أن تكون "النساء شقائق الرجال" حسب المثل العربي القديم، ويعني أنّ لهن حقوقاً مثل ما عليهن من واجبات. يتحقق ذلك باحتراس كبير في السعودية. "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية"، التي يرأس الملك مجلس إدارتها، والمكون من 11 وزيراً بمثابة مجلس وزراء للعلوم والتكنولوجيا. امرأة العلم الوحيدة بالمدينة تعمل بالإعارة، وهي الدكتورة مشاعل بنت محمد آل سعود. اختصاصها الدقيق في الجيومورفولوجيا، وتحليل المرئيات الفضائية، ما منحها فرصة المساهمة بأعمال "معهد علوم الفضاء" في المدينة المنورة، لكنها بقيت رسمياً أستاذة مشاركة في كلية الآداب بجامعة الملك سعود.

هل يعود هذا إلى أن التعليم العالي للبنات لم يبدأ بالسعودية إلاّ في سبعينيات القرن الماضي؟
سميرة إبراهيم إسلام، وهي أول امرأة سعودية تحصل على الدكتوراه في العلوم، تتذكر كيف اشترط مدير مختبر الكيمياء في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة توقيع أهالي الطالبات على تعهد بتبرئة ذمته من مسؤولية تعرضهن لأي حادث في المختبر قد يشوههن. وتستحق سيرة سميرة إسلام النارية المزاج رواية شيّقة، فهي الأولى بين نساء ورجال السعودية في الحصول على لقب "أستاذ" في علم الصيدلة، وهي أول امرأة عربية ومسلمة تُمنح جائزة "لوريال-اليونسكو" العالمية المخصصة لنساء العام وذلك في عام 2000، وأسست أول الكليات الأهلية في المملكة، "كلية عفت الأهلية للبنات"، وأنشأت "وحدة مراقبة الأدوية" بمركز الملك فهد للبحوث الطبية في "جامعة الملك عبدالعزيز"، ونشرت خلال ذلك أكثر من 70 بحثاً علمياً محكّماً. ولا يمكن إدراك جوهر نساء العلم العربيات من دون معرفة كيف يوفقن بين النشاطات الأكاديمية التدريسية والبحثية، وواجبات الزوجية والأمومة. لسميرة إسلام ابنة وابن يدرسان اختصاصات طبية عليا في لندن حالياً.

وأتمنى على الأمم المتحدة أن تنقل المعلومات عن نساء العلم العربيات خارج أروقتها، كي يطّلع عليها الرأي العام العربي والعالمي. معطيات نهوض نساء العلم العربيات تغني سجالات علمية وسياسية على صعيد عالمي حول طبيعة المرأة وقدرتها على خوض غمار الثورة العلمية والتكنولوجية. ففي بوابة العلم، كما يقول فلاسفة العلوم، مكتوب "هنا ينبغي أن يكون القلب متماسكاً والعزيمة راسخة". فبأي قلب وعزيمة قطعت نساء عراقيات بوابة العلم دخولاً وخروجاً؟ قضّين زهرة العمر في تحصيل العلم، وإنتاجه، وحفظه، والتمويه عليه، وإخفائه، وتفكيكه، وإعادة رزمه وبنائه من جديد. وقد تحطم قلب مسؤولة في الأمم المتحدة، حين طُلب منها إزالة أسماء نساء العلم داخل العراق من تقرير المنظمة، خشية تعرضهن للاغتيال. من أحقُ من نساء العلم العربيات بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إن الملائكة لتضع أجنحتها للعلماء رضى بما يطلبون"؟

* نقلا عن جريدة "الاتحاد" الإماراتية








التوقيع



الزعيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس