قلب يتألم وقلب يتأمل

[طير السلام]

في تلك الفترة الزمنية الماضية ، والحقبة السالفة ، أقصد في العشر السنوات التي مضت وانقصت ، لتجد أن هناك قلبا يتألم على تلك الكوكبة المتألقة، والنجوم الزاخرة ، من أهلينا وإخواننا وأفراد قبيلتنا ، ممن واريناهم تحت الثرى ، وسرى بهم البلى ، فلم يبقى عندنا إلا طيّب ذكرهم ، وجميل أفعالهم ، وبالغ أثرهم .
إنهم زينة المجَالِس ، وأُنس المُجَالِس .
يطيب الحديث ، ويحلو الكلام بذكر سيرتهم العطرة ، وأفعالهم النظرة ، وأخلاقهم الحسنة ، وشجاعتهم الباسلة ، وكرمهم منقطع النظير .
وحينما نتذكرهم نأخذ العِبرة ، ونكفكف العَبرة ، على رجال أخذوا من الذكر أعلاه ، وبلغوا من المجد والسؤدد ذراه ، أسماؤهم لمعت في السماء ، وعانقت السحاب والجوزاء ، ولاحت للناظر كالثريا ، فعلى مثلهم فلتبكي البواكي .
ويعلم الله إن البنان ليكتب هذه الكلمات ، والعين لتدمع ، والقلب ليحزن ويتقطع ، على فراقهم وأليم وداعهم ، و لا أستطيعفي هذه العجالة حصرهم أو تعدادهم .
وإذا كررت النظر ، فسينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ، ليأتي دور القلب الثاني الذي يتأمل في هذه الحياة ، وبريق لمعانها ثم سرعة انقضاءها وزوالها .
وأن لكل شيء نهاية ، ونهاية كل حي الموت .
والمتأمل ليأسف أشد الأسف ، ويحزن أشد الحزن ، على جيل أصبحت مجالسهم ثرثرة ، وصحبتهم هرهرة ، لا فائدة فيها ، الكل ينظر في شخصيته ومظهره ، ويقلب جواله بين أذنه ويده ، حتى أصبحت مجالسهم سامجة ، وهيبتها غائبة ، ونضارتها زائلة ، لا تستفيد منها ولا يطيب فيها كلام ، ولا يحلو فيها حديث .
وفي هذه المناسبة ادعوا الجميع إلى الإستفادة مما بقي من تلك الكوكبة الرائدة ، والمنظومة المتألقة ، والخبرة الطويلة ، من كبارنا وأهل الخير والحفظ فينا ، والإنتهال من نميرهم ، والسير على طريقهم إذا كان صوابا خالصا ، وتدوين أفعالهم .
وختاما فإن الرجل العظيم له قلبان : قلب يتألم وقلب يتأمل
والله وحده هو الأول وعليه المعوَّل في صلاح الأحوال